View Static Version
Loading

الجهود الجبارة لعاملات القطاع الصحي في اليمن العمل بإخلاص لتحسين الصحة للجميع

بينما تواجه النساء اليمنيات وطأة الصراع الذي طال أمده، لا يزال العديد منهن يعملن بشجاعة في نظام صحي منهك لتوفير الخدمات الصحية الأساسية لملايين الأطفال والعائلات التي تستند إليهن لإيجاد الأمل، الشفاء والاستمرار.

الدكتورة بارية عوض هي أحد هؤلاء الأبطال المجهولين. الدكتورة بارية طبيبة أمراض النساء والتوليد في مستشفى رأس العارة في جنوب اليمن، التي قررت التضحية بتقدمها الوظيفي وقررت الاستمرار في هذا المشفى الواقع في منطقة نائية حيث العديد من النساء لا يوجد لديهن أي مكان آخر للوصول إلى خدمات الأمومة، الإنجاب والولادة.

الدكتورة بارية عوض، طبيبة نساء وولادة في مستشفى رأس العارة في جنوب اليمن

"منذ أن كنت طفلة صغيرة، أردت دائماً أن أصبح طبيبة". تشرح قائلة: "والدي صياد وكان دائما يحضرنا إلى هنا في الإجازات الصيفية، لتمضية وقتنا أثناء وجوده في البحر. لم يكن في هذه المنطقة [الريفية] مرافق صحية في ذلك الوقت. والآن أنا فخورة بأن أكون الطبيبة الوحيدة هنا، لأن ذلك يعني أن النساء في هذه المنطقة لم يعد عليهن ولادة أطفالهن في المنزل، أو السفر إلى مستشفيات أخرى في عدن—على بعد ١٨٠ كيلومتراً من هنا".

توجد في اليمن أعلى معدلات وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة بين بلدان العالم، وتعاني المناطق الريفية فيها من أسوأ الظروف الصحية في البلاد. لا تحصل معظم النساء في الريف اليمني على الرعاية الإنجابية ورعاية ما قبل الولادة.

"كان هدفي الأساسي هو التدريب في هذا المرفق ثم الانتقال إلى مستشفى آخر في عدن—ثم أدركت أنه يجب عليّ البقاء هنا بدلاً من الانتقال إلى المدينة، هذا ليس المستشفى الوحيد في هذه القرية فحسب، بل إنه أيضاً المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمات الصحية الأساسية على خط الساحل بأكمله".

"في هذا المستشفى يمكنني خدمة عدد أكبر من الناس، أكثر من أي مستشفى آخر... لذلك بقيت هنا"، تنهي الدكتورة بارية كلامها بسعادة.

طفلة ووالدتها تنتظر دور زيارتها للطبيب في مستشفى رأس العارة جنوب اليمن
النساء والأطفال أكثر الفئات عرضة للأخطار

وفقاً لتقرير الاحتياجات الإنسانية لليمن لعام ٢٠۲٣، ستظل المخاطر الصحية مع محدودية الوصول إلى الخدمات مرتفعة، لا سيما بالنسبة للنساء والأطفال، الذين لا يزالون عرضة بشكل خاص لسوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها.

في العام ۲۰۲١، احتل اليمن المرتبة ١٥٥ من ١٥٦ دولة في مؤشر الفجوة العالمية بين النساء والرجال. في اليمن، النساء دائماً ما يكنّ تحت قيود تحدّ من إمكانية وصولهن للخدمات، تفاقم العنف ضدهن، في حين أن الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة والفئات المهمشة لا تزال من بين أقل الفئات التي يمكن الوصول إليها من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية.

نساء، أطفال وفتيات من ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن؛ تُعد من أكثر الفئات عرضة لسوء التغذية والأمراض التي يمكن علاجها، بينما يكونون في الغالب بعيدين عن نطاق وصول العاملين الصحيين والإنسانيين

بحلول ديسمبر ۲۰۲۲، يحتاج أكثر من ثلثي سكان اليمن (٢۰,٣ مليون شخص) إلى المساعدة الصحية (٢٤ في المائة من النساء و٥١ في المائة من الأطفال). تعاني قرابة ۳,٥ مليون امرأة حامل ومرضعة وطفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وفقاً لتقرير الاحتياجات الإنسانية لليمن لعام ۲۰۲۳.

يشير التقرير كذلك إلى أن المخاطر الصحية المصحوبة بحدودية الوصول للخدمات ستبقى مرتفعة خصوصاً عند النساء والأطفال.

الدكتورة ريم توفيق مديرة مركز التواهي الطبي

تواجه الدكتورة ريم توفيق العديد من هذه التحديات في عملها كمديرة لمركز التواهي الصحي في ضواحي عدن في جنوب اليمن. خلال فترة عملها كمدير للمركز خلال الستة الأشهر الماضية، واجهت الدكتورة ريم صعوبات متعددة في إدارة احتياجات كل من المرضى والموظفين.

"بشكل عام أنا متفائلة، لكنني أشعر بالقلق حين تؤثر محدودية الموارد على جهودنا"، تقول الدكتورة ريم، "أحاول دائماً أن أقدم الخدمات الصحية لمرضانا بكل شفافية. عندما يكونون غير سعداء، نستمع إليهم، ونجيب عليهم بصدق، ونبذل قصارى جهدنا دائماً لتقديم الخدمات التي يحتاجونها، بأقل تكلفة ممكنة".

صُنع الفرق

على طول عامين من ١١ عاماً من العمل في القطاع الصحي، تعمل الطبيبة منال محمد كمسعفة متخصصة في الرعاية الطارئة ما قبل الوصول الى المستشفى، وتعمل على إسعاف العديد من الحالات الصحية والإصابات التي غالباً ما تكون مهددة للحياة.

تقول منال: "عانى العديد من المرضى من إصابات مؤلمة أدت إلى نزيف حاد وكسور في العظام وفي حالات أخرى أدت إلى غيبوبة. تشمل التحديات التي نواجهها حركة المرور في الشوارع والطرق غير المعبدة ونقاط التفتيش الأمنية التي تتطلب منّا فتح باب سيارة الإسعاف بينما يكون المريض في حالة حرجة قبل السماح لنا بالمرور. لقد قدمت لي التدريبات التي تلقيتها خبرات قيمة وصححت بعض المفاهيم الخاطئة التي كانت لدي من قبل".

الدكتورة منال محمد مسعفة متخصصة في الرعاية الطارئة الأولية ما قبل الوصول الى المستشفى

هذه التحديات اليومية جعلت من عزيمة وإرادة منال أقوى كخط أول للاستجابة الصحية.

"كنت أحلم بأن أعمل في المجال الطبي. بعد تخرجي من المدرسة الإعدادية، انضممت إلى المعهد الصحي. المجال الذي أعمل فيه الآن يقدم خدمات مهمة للمصابين والمرضى، لذلك أحب عملي وأستمتع به كثيراً"، مضيفة أنها تواجه تحديات متكررة في نقل المرضى ورعايتهم من مواقعهم الأولية إلى المرافق الصحية.

هؤلاء النساء الثلاث—وعدد لا يحصى من النساء الأخريات اللواتي يعملن في النظام الصحي اليمني المنهك والمرافق الصحية المتهالكة في جميع أنحاء البلاد—يصنعن كل الفرق في حياة غيرهن من النساء، الأسر، والمجتمعات التي تعتمد عليهن للحصول على الخدمات المنقذة للحياة.

تلعب العاملات الصحيات دوراً حيوياً في تمكين جهود منظمة الصحة العالمية لدعم المستشفيات والمرافق الصحية بالأدوية الأساسية، المعدات، المواد، التدريب وغيرها العديد من التدخلات التي ترتبط بآلية الاستجابة الشاملة لمنظمة الصحة العالمية للأزمة الصحية في اليمن بالشراكة مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن.

لكن الأزمة في اليمن لا تزال حرجة حيث يحتاج ٢۰,٣ مليون شخص إلى المساعدة الصحية—١۲,٩ مليون شخص منهم بحاجة للخدمات الصحية الطارئة. بينما يعاني ١٧,۳ مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، ١٥,۳ مليون شخص لا يستطيعون الوصول لخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، بينما ۳٧ في المائة من المستشفيات لا يوجد فيها طبيب متخصص.

الفضل يعود بشكل كبير إلى العاملات الصحيات في إبقاء أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن قادرة على تقديم الخدمات الأساسية والطارئة للعديد من اليمنيين حول البلاد.

تشكر وتقدّر منظمة الصحة العالمية كلً من هذه النساء—ليس فقط في اليوم العالمي للمرأة (٨ مارس)، بل في كل وقت وحين.

قصة: شذى الإرياني وكيفين كوك، منظمة الصحة العالمية في اليمن

الصور: © منظمة الصحة العالمية في اليمن

NextPrevious